القذافي المناور والمخطط دفع الملايين على الاعلام

القذافي المناور والمخطط دفع الملايين على الاعلام لتحسين صورته 
واستقدام المرتزقة ليحفظ حكمه
 
 

يوصف معمر القذافي، حاكم ليبيا القوي، عادة، بأنه يلقي خطبا طويلة وغير مفهومة ويميل للقيام بتصرفات مثيرة. ولكن الزعيم الليبي يمتلك وجها آخر، يمكن رؤيته من مجموعة البرقيات الدبلوماسية السرية الأميركية التي نشرها موقع “ويكيليكس” الإلكتروني؛ يبدو فيها كمخطط داهية سيطر على ليبيا وقبائلها العنيدة لمدة أربعة عقود عبر التلاعب بنجاح بكل الأشخاص المحيطين به. ومنذ إعادة فتح السفارة الأميركية في طرابلس منذ عامين، عبر دبلوماسيون أميركيون تدريجيا عن إعجاب محدود بمهارات القذافي السياسية. وحتى مع وصفهم له بأنه شخص “متقلب” و”غريب الأطوار بشكل ملحوظ”، يوثق مسؤولو السفارة مثالا بعد آخر عن كيف احتفظ الرجل القوي البالغ من العمر 68 عاما بسلطته عبر تهميش حلفائه ومنافسيه على حد سواء بإتقان، بما في ذلك أبناؤه المتعطشون للسلطة. 
القذافي المناور والمخطط 
فقبل سنوات قليلة على دخوله في غمار مواجهات دامية مع "الثوار" الذين تمردوا ضده، أنفق الزعيم الليبي، معمر القذافي، ملايين الدولارات سنوياً لشن حملة علاقات عامة سرية لتحسين صورته عالمياً بوصفه رجل دولة ومصلحاً، وفقاً لما كشفته وثائق سرية مؤخراً.وفي نفس الوقت كان يجهز نفسه لاحتمالات الانقلاب عليه او قيام ثورة بوجهه فكان يشتري المقاتلين المرتزقة من افريقيا بملايين الدولارات ,وهذا الامر بدا واضحا من خلال السرعة التي استقدم بها القذافي المرتزقة للقتال الى جانبه ,بالاضافة ان القذافي يملك مليارات الدولارات نقدا في مقره كي يدفع الاموال لمقاتليه والمرتزقة نقدا. 
وكتب السفير “جين إيه كريتز” يوم 28 يناير (كانون الثاني) 2009، برقية إلى وزارة الخارجية في واشنطن ذكر فيها أن القذافي “لا يزال مشاركا بشكل وثيق في أكثر المناصب حساسية لنظامه. وقال إن براعة الحاكم الليبي في مناوراته الخططية أبقته في السلطة أكثر من 40 عاما”. ومنذ استيلائه على السلطة عام 1969، أبقى القذافي بنجاح بقية المؤسسة السياسية الليبية تحت قبضته. وأضاف: “القذافي هو مهندس قفصه الذهبي الخاص ولا يمكن أن يتنازل بعد عن عملية صنع القرار اليومية، حتى وإن كان يرغب في ذلك”. وبينما يحاول القذافي أن يصور نفسه لشعبه على أنه “شخص ملهم لا يختلف عليه” في البنية الحاكمة الغامضة داخل ليبيا، فإنه يفحص بنفسه، في حقيقة الأمر، كل العقود الحكومية التي تتجاوز قيمتها 200 مليون دولار، وينتقي المسؤولين عبر نظام بيروقراطي، ويطلع على أدق تفاصيل السياسة المحلية والخارجية عموما، حسبما أكدت البرقيات. 
الحملة الاعلامية 

فقد استأجر الزعيم "الزئبقي" أو المتقلب المزاج، خدمات "مجموعة المراقبة" The Monitor Group، الاستشارية التي تتخذ من بوسطن مقراً لها، للبدء بتنفيذ استراتيجية تشمل دفع مبالغ لمحللين في مراكز أبجاث ودراسات فكرية ومسؤولين حكوميين للقيام بزيارات إلى ليبيا وإلقاء محاضرات وإجراء حوارات ونقاشات، وحتى إجراء لقاءات شخصية مع القذافي، في العام 2006. 
ووفقاً لمذكرة في العام 2007، من المجموعة الاستشارية لرئيس استخبارات القذافي، فإن الحملة كانت تهدف إلى "تعزيز التفهم الدولي والتقدير لدولة ليبيا.. مع التأكيد على بزوغ ليبيا الجديدة.. وإبراز معمر القذافي كمفكر ومثقف." 
أما ثمن ذلك فكان ثلاثة ملايين دولار سنوياً، إضافة إلى النفقات وذلك نظير العمل الذي يتضمن الاستشارة وتقديم الملخصات والتحليلات واستضافة شخصيات بارزة في ليبيا، بمعدل شخصية واحدة على الأقل شهرياً. 
ونشرت الوثائق ذات العلاقة على موقع المؤتمر الوطني التابع للمعارضة الليبية. 
وقال إيمون كيلي، أحد كبار الشركاء في المجموعة الاستشارية، والذي ترأس فريق تحقيق داخلي في المؤسسة إن برنامج الزوار ما هو إلا جزء بسيط من حملة أوسع وأكثر شمولاً من أجل المساعدة في بناء مجتمع مدني في ليبيا. 
أما الجزء الأكبر من البرنامج فهو العمل على تنفيذ برنامج تدريبي للقيادة وتقديم الخبرات لليبيا بهدف "الترويج للإصلاح وتحسين الرخاء الاقتصادي للدولة والشعب مع تحديث الحكومة والمساعدة في إصلاح المجتمع المدني المفكك." 
وقال كيلي: "لم نكن نعمل لصالح القذافي.. بل لصالح ليبيا." 
وبعد عام من العمل، وبحسب مذكرة من مجموعة المراقبة في العام 2007، تضمنت النتائج، استضافة كبار الزوار في ليبيا مثل، ديفيد فروست وفرانسيس فوكوياما. 
وتضمن عملها نشر مواد تقدم صورة إيجابية عن ليبيا. 

دفع المال للمرتزقة 

قالت صحيفة لوفيغارو الفرنسية إن هزيمة "الكتيبة 32" التي يقودها خميس نجل العقيد معمر القذافي بفعل الضربات الجوية الغربية دفعت القذافي لإبقاء وحداته الخاصة في طرابلس وإرسال عناصر المرتزقة الأفارقة إلى مناطق المواجهات. 
وأكدت الصحيفة نقلا عن مصادر ليبية أن تكاليف المرتزقة عالية، إذ يتم صرف مئات الدولارات يوميا للمرتزق الواحد، ويكون الدفع نقدا. وتقول الصحيفة إنه رغم تجميد الودائع الليبية فإن القذافي لم يجد مشكلة في تأمين الموارد المالية التي يحتاجها. 
ونقلت لوفيغارو تأكيدات صحيفة نيويورك تايمز التي أوضحت امتلاك القذافي مئات مليارات الدولارات نقدا، بحسب مصدر مقرب من الحكومة الليبية، حيث قال إن القذافي يحتفظ بمبالغ ضخمة في مقره بباب العزيزية. 
وتقول الصحيفة إن القذافي حصل على هذه الأموال بسبب استيلائه على قسم من مبيعات النفط الليبي، حيث يقول المحامي الفرنسي وليام بوردون إن القذافي وعائلته يستوليان على قسم كبير من إيرادات النفط، وأوضح بوردون أن هناك دعوى في باريس تتعلق بغسل الأموال أبطالها مجموعة من رجال القذافي وأبنائه، ويقول بوردون "لقد أدرك القذافي باكرا عملية عولمة المال وعرف كيف يستفيد منها"، وأضاف أن ليبيا بشركات استثمار وصندوق سيادي استخدمت لندن وروما بشكل أساسي لوضع الأموال والنشاط في سوق الأسهم فيهما. 
وأكد المحامي الفرنسي صعوبة تمييز أموال القذافي وعائلته من أموال الدولة الليبية، قائلا "إنهما في الغالب متجاوران". كما أوضح أن حركة الأموال لم تتوقف، ويرجع السبب إلى سوء نية الحكومات متهما الحكومة الإيطالية بالتلكؤ، ويقول إن المسؤولين الليبيين يواصلون تحركاتهم عبر العالم وهم ينقلون المال في حقائبهم، واستشهد بما ذكرته الصحف البلجيكية عن تحويلات أموال ليبية من بلجيكا نحو السودان وتشاد. 
وتبقى قيمة هذه الأموال لغزا مستعصيا، فتتساءل الصحيفة عن عدد براميل النفط التي بيعت سرا، وتقول إن الأمم المتحدة تشتبه في أن النظام الليبي زور الأرقام الرسمية لعدد البراميل التي بيعت، فهناك ملايين البراميل التي لم تسجل عملية بيعها وهي تشكل وقود هذه الحرب. 
وتنقل الصحيفة عن علي زيدان -وهو أحد أعضاء المجلس الانتقالي- أن هذه المبالغ هي التي تمول مرتزقة القذافي، ويقدر عددهم بنحو 25 ألف مقاتل، قائلا إن معظمهم متمردون سابقون في الصراعات الأفريقية التي دعمها القذافي من قبل مثل سيراليون وليبيريا وطوارق مالي والنيجر، وقد جندهم القذافي في وحداته العسكرية منذ وقت طويل، إضافة إلى مرتزقة آخرين وصلوا بعد الأحداث الأخيرة، خاصة من تشاد التي يكون رئيسها إدريس ديبي قد أمد القذافي بعناصر خاصة من حرسه. 
ويؤكد أحمد بني -وهو متحدث عسكري باسم الثوار- وجودهم بقوله إن تحركات المرتزقة تتم على الطريقة التشادية حيث يشنون هجمات خاطفة على متن سيارات رباعية الدفع، وقال "كان تراجعنا يوم الأربعاء الماضي لهذا السبب، فقد وجدنا أنفسنا أمام آلاف المقاتلين من الحرس الرئاسي التشادي".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire