وزيرة الصحة العمومية في حديث خاص لـ«الصباح»



111

وزيرة الصحة العمومية في حديث خاص لـ«الصباح»

3680 خطة انتداب لهذه السنة، أغلبها للمناطق الداخلية
ملف تأهيل القطاع الصحي سيكون جاهزا قبل انتهاء مهام الحكومة المؤقتة ـ التخلي عن آلية الخدمة المدنية لحث أطباء الاختصاص على العمل بالجهات الداخلية.. ضمانات بالجملة ومع ذلك يتواصل العزوف ـ يمثل التشغيل إحدى أبرز أمهات القضايا والملفات المطروحة  على الوزارات في مختلف المستويات الحكومية منذ قيام ثورة 14جانفي ومن هذا المنظور فإن الانكباب على معالجة  هذا الملف داخل وزارة الصحة العمومية لا يشذ عن القاعدة  العامة...
وفي هذا السياق كشفت  السيدة حبيبة الزاهي بن رمضان وزيرة الصحة العمومية  لـ "الصباح" عن تفاصيل برنامج الانتدابات المبرمجة لهذه السنة والتي انطلق تنفيذها منذ الثلاثية الأولى من العام الجاري وتمتيع المناطق الداخلية بنسبة وافرة من فرص التشغيل المقترحة لفائدة عديد الأسلاك المنتسبة للقطاع شبه الطبي, مستعرضة مختلف الآليات المرافقة لاستحداث مواطن الشغل ومنها أساسا التأكيد على  أهمية الدور الموكول  للقطاع الخاص في احتضان جانب من المعطلين عن العمل.
وتطرقت ضيفة "الصباح" إلى عديد المسائل  والمحاور المتعلقة بالرفع من مستوى التنمية الصحية الجهوية عبر منح المؤسسة الصحية في مختلف مستوياتها بالمناطق الداخلية الدور الفاعل الذي يفترض أن تضطلع به مع تسخير وسائل العمل الملائمة لذلك بما يخفف الضغط على المنظومة الصحية ككل ويساهم في تكريس لامركزية الخدمات الصحية وينأى بها عن النقائص المسجلة على مستوى نقص الإطارات البشرية وتدهور البنية التحتية الأساسية والارتباك المسجل في التصرف جراء البطء الإداري.
كما كان اللقاء مناسبة للاطمئنان على الوضع الصحي العام بالبلاد وعلى تعليق الوزيرة على مخاطر المظاهر المزرية للأوساخ التي يتواصل اكتساحها الأحياء والشوارع ...
حاورتها منية اليوسفي

يطرح التشغيل  تحد بارز أمام أعضاء الحكومة ولعل الإشكالية تطرح بحدة في وزارة الصحة فهل من توضيح لتفاصيل برنامج الانتدابات  الذي تم ضبطه إلى حد الآن في المجال الصحي؟

من خصوصيات القطاع الصحي أنّ إشكالية  التشغيل تختلف باختلاف الأسلاك من ذلك أنّ ضغط الانتداب في مستوى أطباء الاختصاص يتباين كليا مع التعاطي مع ملف التشغيل في مستوى أعوان الصحة وأساسا الإطار شبه الطبي, ذلك أن التوجه على صعيد طب الاختصاص يرتكز على دفع الانتدابات نحو المناطق ذات الاولوية التي تشكو عجزا في الإطار الطبي المختص وتسعى الوزارة  للتشجيع على العمل بهذه الجهات وتأمين الامتيازات اللازمة لكن العزوف يظل متواصلا من جهة المستهدفين بالإجراء ذلك انه من مجموع 274خطة تم عرضها لم تتحقق الاستجابة إلا لـ 34خطة انتداب فقط . وتعود أسباب هذا التلدد إلى جملة من العوامل منها رغبة المتخرجين الجدد في الالتحاق بالعمل بالمستشفيات المتاخمة للعاصمة والمدن الكبرى لما يتوفر بها من ظروف عمل أفضل إلى جانب انتقادهم لفقدان مقومات العمل المطلوبة بالمؤسسات الاستشفائية بالمناطق الداخلية وغياب آليات التواصل والتكوين مع المستشفيات الجامعية والاقطاب الصحية...
ورغم التخلي عن العمل بآلية الخدمة المدنية التي تم اقرارها من قبل الوزارة السابقة لدفع الأطباء للعمل لمدة معينة عند الانتداب بإحدى الجهات المنقوصة من خدمات طب الاختصاص لما رأوا فيها من صبغة تعسفية للقرار  مع تقديم امتيازات مالية قيّمة تصل قيمتها في عدد من المناطق إلى الألف دينار استمر العزوف.. لهذا السبب ارتأينا اعداد مجموعة من السيناريوهات التشجيعية لتحفيزهم على التوجه إلى مناطق العمق منها توفير ظروف العمل اللائقة بالمستشفيات الداخلية وسيتم في هذا الصدد التركيز على تحسين ظروف العمل بالمستشفيات الجهوية بمدنين وقفصة والقصرين مع برمجة احداث مستشفى ثان بالقصرين يتوفر على جميع الاختصاصات والمعدات.
كما سيقع العمل بآلية تبني المستشفيات الجهوية من أحد المستشفيات الجامعية على مستوى التأطير والرسكلة وتمتين التواصل بين إطاراتها..
ولتلافي النقص في أطباء الصحة العمومية تم اقرار خطة بانتداب 95 طبيبا وتقرر الترفيع فيها سنة 2011 إلى 250 ستفتتح مناظراتها الأسبوع القادم باعتماد الشفافية وذلك بالاستناد إلى معيار الأقدمية في التخرج ونشر الترشحات على شبكة الانترنيت علما وأن مختلف هذه الانتدابات ستوجه للمناطق الداخلية. وكذلك الشان بالنسبة لانتدابات صيادلة الصحة العمومية ويقدر عدد خططها بـ65 خطة سنة 2011

مضاعفة عدد الانتدابات

وماذا عن انتداب أعوان الصحة سيما أنهم يطرحون ضغطا كبيرا على مستوى طلبات التشغيل؟

يطرح المشكل  في هذا المستوى بحدة على اعتبار تنوع الأصناف وتعدد المطالب من ذلك أن لنا 9580 مطلبا في سلك الفنيين السامين و2526 في مستوى ممرضي الصحة و1369 من صنف ممرض أول و9837 مساعد صحي دون اعتبار المتخرجين الجدد هذا العام.ورغم أهمية العدد فقد توفقت الوزارة إلى ضبط برنامج  جملي للانتدابات لـ3681 خطة سنة 2011 بزيادة نحو الألفي خطة عن حصة 2010 التي بلغت 1689 خطة. ووفقت الوزارة خلال هذا الثلاثي الأول في إنجاز 74بالمائة من الانتدابات المرخصة وتم توزيع 2855خطة لفائدة طالبي الشغل انتفعت بها الجهات الداخلية بـ1417خطة تمت في كنف الشفافية وباعتماد مبد الأقدمية في التخرج  وسيتم انجاز بقية الانتدابات في إطار المناظرات التي ستصدر قريبا.
ويتعين على القطاع الخاص القيام بدوره في دعم فرص التشغيل بانتداب المتخرجين وتنظيم عملية الاستعانة بالمشتغلين في القطاع العمومي ومزيد تقنين صيغها وضمان حقوق الاعوان. كما يتعين تعزيز جهد التشغيل من خلال تكثيف فرص العمل في نطاق التعاون الفني إلى جانب التقليص من التكوين في الاختصاصات المفتقدة للتشغيلية بالمدارس الخاصة كما هو الحال بالنسبة للمساعد الصحي.

التشغيل فورا.. تعجيز

وكيف تفسر وزيرة الصحة العمومية تواصل حركات الاحتجاج والاعتصام في عديد الجهات المطالبة بالتشغيل رغم البرنامج الذي أقررتموه ثم ماذا عن تعاطيكم مع هذه التحركات التي تطالب بالعمل فورا؟

نحن طبعا نتفهمهم ولكن نحاول أن نفهمهم بأن الظرف لا يسمح بتشغيلهم جميعا و"توه توه" ولا بد من احترام الأولويات في الانتداب ومنها الأقدمية في التخرج.
وعلى المواطن أن يعي أنّ في مطلبية التشغيل الآنية والفورية تعجيز واستحالة رغم أهمية المجهود التشغيلي المبذول من الحكومة المؤقتة ولعل الخطأ في ذلك يعود للحكومة السابقة التي أنتجت العديد من العاطلين عبر اسناد العديد من رخص مدارس التكوين الخاصة.

تواجد ظرفي وعمل طويل النفس

وصفك تمثلين حكومة مؤقتة إلى أيّ حد يؤثر ذلك على برامج عمل الوزارة ومشاريعها وهل ستكون تدخلاتها وتحركاتها ظرفية لا سيما على نطاق العمل لدفع التنمية الصحية الجهوية التي تعرف اختلالا مهولا في التوازن؟

صحيح أنّ الحكومة مؤقتة لكن عملنا ليس ظرفيا بل ننكب على تحضير ملفات هامة من ذلك أننا قمنا بتطوير ميزانية الجهات في باب نفقات التجهيزات الصحية بما يقارب 20مليون دينار إضافية.إلى جانب العمل راهنا على ملف ضخم وثقيل من حيث أهميته يتعلق بتأهيل القطاع الصحي وهو من الملفات القديمة من حيث الطرح لكن تناوله سيتم برؤى جديدة في مستوى تثمين الدور المرجعي للقطاع الصحي العام في تحسين الخدمات والتقليص من التفاوت بين الجهات ورد الاعتبار للمستشفى الجهوي وكذلك للخط الأمامي للصحة المتمثل في مراكز الصحة الاساسية والمستشفيات المحلية  بما يخفف الضغط على بقية المؤسسات الجامعية وحتى على التحول إلى المدن الكبرى لتلقي علاج يمكن الانتفاع به في مركز أساسي.
وقبل مغادرة الحكومة المؤقتة سيكون ملف التأهيل جاهزا وقابلا للتنفيذ, هذا أعدكم به.

خلايا تصرف في النزاعات

كثرة الإعتصامات في محيط  المؤسسات الصحية أو داخلها ينعكس حتما على نوعية الخدمات المقدمة للمرضى فلم لا تتدخل الإدارة المركزية في الإبان للإصغاء لمشاغل المحتجين والمساعدة على تسوية الأمور حتى لا تتحول بعضها إلى ما يشبه الفوضى التي تشل النشاط اليومي؟

لا بد من التنويه في البدء بالدور المميز الذي اضطلعت به الإطارات الطبية وشبه الطبية والإدارية إبان الثورة وفي الفترات الصعبة  وكانوا دوما في المقدمة. لكن ما يحصل في بعض الأحيان من احتجاجات لا تعدو أن تكون أسبابه داخلية خاصة بالعاملين في المؤسسة الصحية كأن تكون خلافات قديمة قائمة بين الإطار الطبي والإطار شبه الطبي تفجرت اليوم بعد طول انقطاع لحبل التواصل في ما بينها ويكون الاحتكام دائما للإدارة المركزية لحلحلة الوضع والحال أنه آن الوقت لتتم تسوية مثل هذه الخلافات والنزاعات على نطاق المؤسسة وحتى بالنسبة للتصرف في التجهيزات وصيانتها لم يعد هناك مجال لانتظار قرار مركزي للقيام بذلك وفي هذا المجال اقترحت احداث خلية تصرف في الاشكاليات الطارئة بالمؤسسات الصحية ستبعث في القريب العاجل.

مظاهر مرفوضة

بوصفك مؤتمنة على صحة المواطن حيثما كان ما تعليقك على ظاهرة الاوساخ التي اكتسحت عديد الاحياء والشوارع والتي تنذر مخاطرها الصحية بالتفاقم مع ارتفاع درجات الحرارة؟ وهل من تقييم عام للوضع الصحي والوبائي في تونس؟

فعلا تمثل الأوساخ المتراكمة  مشكلة كبيرة غير مقبولة ولا معقولة وهي إهانة للتونسي  لكنها ليست مشكلة جهاز صحي فقط بل مسؤولية جماعية ويجري التنسيق والاتصال في هذا المجال مع عديد الأطراف.
وفي ما يتعلق بالوضع الصحي العام يمكن الإشارة إلى ان بلادنا تمر بنقلة وبائية حيث تم تجاوز أو السيطرة على العديد من الأمراض السارية ومواجهة حاليا  مرحلة الأمراض غير السارية أو المعروفة بأمراض العصر من سرطان وأمراض قلب وشرايين وغيرها... ويكمن الاشكال في أن الهيكلة الصحية غير مستعدة لها لأن التحول الوبائي تم بسرعة كبيرة واكثر الاهتمامات كانت منصبة على مكافحة الأمراض السارية. ويتم العمل حاليا على اعداد استراتيجية جديدة لأمراض القلب التي تتفاقم إصاباتها كذلك الشأن بالنسبة للامراض السرطانية من خلال وضع آليات تشجع على التقصي المبكر وتقريب العلاج وستحدث في هذا الصدد أقطاب جهوية للتكفل بالعلاج.

وماذا عن المشروع السابق لإحداث معهد الزهراوي  لمكافحة السرطان هل سيم الإبقاء عليه؟

لا الملف غير مطروح وهومجمد حاليا, وحتى في صورة تناوله فلن يكون قطعا بتصوراته القديمة .

نقص الأدوية

تطرح مشكلة نقص الأدوية بحدة من قبل المواطن في أغلب الفضاءات الصحية فهل تشاطرينه موقفه وماذا عن تجاوز مسألة النقص الذي يكاد يصبح مزمنا بدوره ؟

النقص موجود والاشكال قائم فعلا ويبرز خاصة في أدوية الأمراض المزمنة ويكمن الهدف بالنسبة لنا في تأمين الاكتفاء الذاتي من هذه الأدوية وهذا يتطلب بطبيعة الحال قاعدة تصرف محكمة على نطاق خطوط الصحة العمومية لأن المشكلة بالأساس مرتبطة بنظم التصرف المعتمدة حاليا.ونعمل حاليا على اعداد ملف حول الأدوية بما في ذلك تباحث سبل تطوير تصدير الأدوية المصنعة محليا.

كيف تقيمين الوضع الصحي الراهن على الحدود برأس الجدير وهل من استعداد لمجابهة تطورات الوضع مستقبلا؟ ثم ماذا عن تداعيات التراجع الملحوظ للمرضى الليبين على  نشاط المصحات الخاصة؟

الوضع الصحي تحت المراقبة  والسيطرة  ولعل الاشكال الأبرز يكمن في طول مدة الإقامة لجانب من الوافدين بسبب صعوبات الترحيل ومع ذلك تبقى الامراض الوبائية قابلة للسيطرة لكن ما نخشاه مستقبلا توافد أعداد متزايدة من الجرحى الليبيين وهو ما يتطلب إحكام التأهب للتعامل مع هذه الحالات من خلال برنامج تدخل متكامل سيعرض ملفه على المنظمات الدولية المختصة وعلى عدد من البلدان للحصول على التمويلات المطلوبة.
وبخصوص تضرر نشاط المصحات الخاصة فهذا امر واقع وتقدر نسبة تراجع النشاط بنسبة 40بالمائة في القطاع الصحي الخاص بمناطق الجنوب وخاصة صفاقس ويعزى ذلك إلى التركيز كليا على التعامل مع المرضى من الأشقاء الليبيين بصفة أساسية والحال أنه يتعين تنويع الجهات وهذه من الاهداف التي سنعمل على تكريسها بالتوجه نحو البلدان الإفريقية والخليجية والأروبية.

تكامل الصورة

عرفناك معارضة وناشطة حقوقية وفاعلة في عدد من الجمعيات فهل طمست فيك الحقيبة الوزارية هاجسك النضالي وأخمدت فيك حراكك الجمعياتي وهل تراودك فكرة معاودة التجربة من جديد داخل الحكومة القادمة لو أتيحت لك الفرصة؟

لقد وجدت نفسي في مكاني صلب الحكومة المؤقتة لأني من الميدان  وعلى دراية بالمشاكل والمستجدات  ولم أواجه أي عائق قد يحد من طموحاتي في هذه الوزارة وبالتالي لدي رؤيتي في معالجة المسائل نابعة من حياتي المهنية واحتكاكي الجمعياتي. ووجدت في المسؤولية التي تكفلت بها تكريسا لتطلعاتي وطموحاتي ومادمت بصدد تفعيل الأفكار والتصورات التي كنت ومازلت أؤمن بها في إطار هامش التحرك والتصرف المتاح صلب الحكومة المؤقتة لماذا تريدين مني أن ألتحق بالحكومة القادمة؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire